الأربعاء، 8 أغسطس 2007

الأرمن بعد الشيعة
خالد صاغية
شكّل رفع شعارَيْ «الوحدة وطنية» و«الإجماع الوطني» عنصراً أساسياً في تظاهرات 14 آذار 2005. اكتشف المتظاهرون، على حين غرّة، أنّ ثمّة طائفة كبرى خارج هذا «الإجماع». لكنّ هذا الاكتشاف لم يكن ليخفّف من يقينهم. فلا شيء يهدّد إجماعهم ووحدتهم. كان المطلوب إذاً أن يخرج الشيعة من الوطن، كي تتحقّق الوحدة الوطنية.هكذا صعدت إلى الواجهة آيات من الهجوم الجارح، لا على القيادات السياسية للطائفة الشيعية وحسب، بل على الشيعة أنفسهم في كرنفالات من العنصرية لم تغب عنها بعض وسائل الإعلام.لكنّ «إخراج» الشيعة من المعادلة اللبنانية لم يكن كافياً وحده كي تكمل السلطة احتكارها لـ«الإجماع الوطني». فمع مرور الزمن، وخصوصاً بعد حرب تمّوز، ازدادت السلطة عراء. وما كانت تسمّى «حكومة الاستقلال الثاني» باتت في مواجهة مع نصف شعبها.لا تستطيع السلطة أن تغفر لميشال عون. فهو، بالنسبة إليها، كمن جاء إلى الحفل بدون دعوة، بهدف إفساده. لكنّ المسيحيّين، بخلاف الشيعة، لم يعرفوا التهميش تاريخياً، وكان من الصعب إطلاق أبواق العنصريّة في وجههم. فكان لا بدّ من انتظار معركة المتن الفرعيّة حتّى يتمكّن أصحاب الدم اللبناني الأزرق من صبّ جام غضبهم على... الأرمن.على اللبنانيّين، من الآن فصاعداً، تحسّس أصابعهم وإخراجات قيدهم يوميّاً. فبعد الشيعة والأرمن، لا نعرف من هو التالي. الكلّ بات مهدّداً في وطنيّته وفي إنسانيّته، دفاعاً عن «الوحدة الوطنية».
عدد الثلاثاء ٧ آب
http://www.al-akhbar.com/ar/node/42582

الثلاثاء، 7 أغسطس 2007

الحلبي يخسر «وحيداً».. ويكسر «الاحتكار» في معركة محسومة
«حركة الشعب»: شكاوى بالجملة وحديث عن«سعر الرأس»
الحلبي يتحدث الى الصحافيين

امام مدرسة علي بن ابي طالب (حسن عبد الله)


عمار نعمة
لم تكن معركة طبيعية تلك التي خاضتها «حركة الشعب» في بيروت امس، بل انها اختصرت المواجهة التي ارادتها بين «القرار السيادي الحر» في مواجهة القوى المذهبية التي لم تتمكن حسب الحركة من احتكار قرار بيروت برغم فوزها في انتخابات الدائرة الثانية. «إنه نزاع بين الخير والشر» بكل ما تختزله الكلمة من معنى بالنسبة الى مناصري الحركة، الذين خاضوا طيلة الايام الماضية صراعاً حقيقيا لإثبات الذات والوجود في ظل حصار تام من قبل الاخصام، و«خذلان» من قبل الحلفاء، كما ردد المناصرون في اروقة المركز الجديد للحركة في الجناح، الذي اتخذته لنفسها اثر تهجيرها القسري من مركزها السابق في وطى المصيطبة. كانت المعركة محسومة منذ الصباح الباكر، برغم رهان «ابو ربيع»، إبراهيم الحلبي، مرشح الحركة، على متغيرات انتخابية في فترة بعد الظهر، ما لبثت ان كشفت زيفها لحظات ما قبل إقفال صناديق الاقتراع، وهزالة الإقبال الشيعي والمسيحي في ظل تهافت سني على الانتخاب بقي دون طموحات فريق الموالاة مقارنة مع نسبة الإقبال في انتخابات عام .2005 لكن القضية بالنسبة الى الحركة ورئيسها نجاح واكيم بقيت في إعلاء الصوت في وجه مد المال والتجييش المذهبي الذي اكد الحلبي لـ«السفير» انه غريب عن اهل بيروت التي لا تختزلها الخطوط الحمر التي وضعها البعض قبل المعركة الانتخابية. هنا بالذات، يكمن مغزى القضية، فهي ليست مسألة ربح وخسارة، بل قضية كشف فريق الموالاة وخطورة معركته التي اختزل لواءها في استحضار غياب النائب الاصيل للمقعد، وليد عيدو، وغيره... كان الجميع يعي صعوبة واستحالة الفوز منذ الصباح، في ظل شكاوى لا تحصى حول مجرى العملية الانتخابية، كانت محط تبرم وتداول في اروقة الحركة منذ الصباح. لكن ما يراه البعض من استحالة للفوز لم تحط من عزيمة واكيم وأبنائه. استهل حديثه لـ«السفير» صباحاً بنفي إشاعة انسحاب الحلبي من الصراع ملقيا باللائمة على الفريق الآخر ووسائل اعلامه، مندداً بحرف المعركة الانتخابية عن اصولها الاخلاقية المرجوة. أفاض واكيم في تفصيل الظروف الذاتية والموضوعية، اضافة الى انحياز «الحكومة»، التي حالت دون معركة انتخابية عادلة عبر حملة ترغيب وترهيب شملت الناخبين والمندوبين الذين تخلى العديد منهم عن الحركة قبل ساعات من بدء العملية الانتخابية. ربما كان الاستحقاق اكبر من قدرة «حركة الشعب» على المجاراة، وزاده صعوبة انقسام المعارضة حوله، ما حرم الحركة من قدرة تجييرية كبيرة، لكنه اكد في المقابل استقلاليتها، حسب واكيم. الشكاوى تبدأ من طريقة اختيار رؤساء اقلام الاقتراع الـ221 من قبل وزارة الداخلية، مرورا بعدم قدرة مندوبي الحركة على تغطية عشرات الاقلام لأسباب من بينها المادي، ومنها تقديم «تيار المستقبل» لأكثر من مرشح للانتخابات اضافة الى تعديات حصلت ضد بعض مندوبي «حركة الشعب»، وإن كان اثنان قد انسحبا من السباق قبل ساعات. وتشير الماكينة الانتخابية للحركة الى البلبلة التي حصلت جراء تقديم لوائح للمقترعين لا تتطابق مع اماكن الانتخاب، اضافة الى تأخير توزيع المندوبين على مراكزهم... وليس انتهاء بالطبع بالكم الهائل من الاموال التي ضخت للناخبين حتى ان البعض تداول بأن «سعر الراس بلغ 100 دولار!». وأشار واكيم الى ان احدى الدول الخليجية قد دخلت بقوة في المعركة، منتقدا بسخريته المعهودة «التجييش الديني» الذي تقوم به بعض المرجعيات «التي مارست دور المدعي العام ضد اخصامها واستحضرت الدماء!». انكفاء الناخبين، خاصة لدى الاقلام الشيعية، اقلق الحركة. ففي الساعة 11 من قبل الظهر، لم يكن قد اقترع من تلك الاقلام اكثر من ثلاثة في المئة من الاصوات، تلك الأنباء تلقاها واكيم بهدوء شبيه بالمسار الانتخابي الطويل الذي لم يشهد احداثا تذكر. هذه النسبة ارتفعت بخجل في فترة بعد الظهر وتخطتها بقليل نسبة الاقتراع المسيحي، لكن الامر كان مختلفا لدى السنة من 13 في المئة قبل الظهر وصولا الى نحو 20 في المئة، اكثر او اقل، الامر الذي لا يلامس نسبة الاصوات الـ25 الفا لدى السنة التي حصدها المرشح الراحل وليد عيدو عام ,2005 وبالطبع نسبة الـ27 في المئة التي اقترعت في بيروت الثانية في تلك الانتخابات. انكفاء الشيعة كان بالطبع مرده الى موقف «حزب الله» وحركة «امل»، ولم تلاحظ حركة ملحوظة في اقلام الشيعة. الماكينة الانتخابية للحزب لم تحضر، فمشهد المعركة في منطقة الباشورة على سبيل المثال كان غائباً، ومثله الحضور السني في هذه الاقلام! وفي مقارنة بسيطة، يبدو حجم الاختلاف واضحا عن الانتخابات الماضية على صعيد الصوت الشيعي الذي اقترع بنسبة33 في المئة عام .2005 هذه الظروف جميعها ادت الى الخسارة الكبيرة لمرشح «حركة الشعب»، على ان مواساة الحركة تتمثل في انها حالت دون احتكار بيروت من قبل طرف معيّن كما اكد الحلبي، «نحن نحترم ونرضخ لإرادة الناخبين، وقد خضنا المعركة لوحدنا، وقد فرضنا السيادة الحقيقية، وديموقراطيتنا تفرض علينا القبول بالنتيجة كما هي، مع انه كان من المعيب استحضار الدم في المعارك السياسية والانتخابية». ويلفت في مقابل انتصار مرجح لمرشح المستقبل، الى ان نسبة الاقتراع المتدنية التي لم تبلغ العشرين في المئة تصيب الاطراف جميعاً. وكان الحلبي قد انتقد في تصريح انحياز مفتي الجمهورية الشيخ محمد رشيد قباني، وقال إنه «حر في إبداء رغباته او في خياراته السياسية كشخص، ولكن يجب ان يبعد دار الفتوى عن الانحياز، هو قد انحاز الى مرشح السلطة، وهذا معروف هو حر في كل الحالات، إذا كنا نتكلم عن السيادة والحرية والاستقلال». من جهته، ندد المرشح زهير الخطيب بـ«حجم ووقاحة التزوير» الذي حصل، منتقدا «السلطة الفاسدة»، ومشيرا الى انه سيقدم طعنا في الانتخابات ودعاوى محتملة على المسؤولين، وطالب وزير الداخلية حسن السبع بالاستقالة. باختصار، طغت البرودة على المشهد العام للانتخابات التي لم ترتق الى مستوى الحدث، وكان لغياب المعارضة العامل الابرز في تدني نسبة الاقتراع. وتشير اوساط بيروتية متابعة الى ان الانتخابات شكلت إخفاقا لفريق السلطة الذي حصر هدفه في رفع نسبة مشاركة السنة والحصول على اصوات شيعية مقبولة، وبينما انخفضت المشاركة السنية بنسبة نحو 10 في المئة، اقتصرت المشاركة الشيعية على «استثناءات» في ظل المقاطعة الشيعية والمسيحية.
http://www.assafir.com/Article.aspx?EditionId=708&ChannelId=15706&ArticleId=657&Author=عمار%20نعمة