«ليس للشيعة مشروع سياسي ولا يشكلون خطراً في لبنان على احد الا على اسرائيل وهذا ذنبهم»
العلامة فضل الله لـ «الديار» : البعض يضخّم حجمه ليثير الناس مذهبياً وفئات لا تمت الى الإسلام بصلة تعمل للفتنة
الفريق الاميركي يخلق التعقيدات والكثير من اللبنانيين يدافعون عن اسرائيل اكثر مما يدافعون عن لبنان
حديث تناول شؤون وهموم المنطقة العربية والاسلامية مع العلامة المرجع آية الله السيد محمد حسين فضل الله. فانبرى السيد يقدم المعطيات ويحللها وفق السياق المنطقي الموضوعي المتلائم مع الشرع ومع الذهنية الاسلامية والوطنية التي طالما تحدث عنها «السيد المرجع»، الا ان الظروف المحيطة بالمنطقة كبيرة وخطيرة، تتعلق بالعلاقات الاسلامية بين السنة والشيعة، والعلاقات العربية - الايرانية والعلاقات العربية -العربية، كما كان للشأن الداخلي اللبناني وارتباطه بازمة المنطقة، وملفها رؤية واضحة، تحدث بها «السيد» وحيث لم ينفك يشير الى المخطط الاميركي - الصهيوني والمخابرات المركزية الاميركية والموساد هذا المخطط المشروع. الذي يريد ضرب المسلمين ببعضهم البعض.
العلامة المرجع السيد فضل الله مسك من عنق المشروع الاميركي الصهيوني وتحدث عنه طالباً من العلماء والمواقع السياسية والفكرية في العالم العربي الانتباه للفتنة التي يريدون ادخالهم في نارها مشيراً الى الحديث القائم في لبنان عن الفيدرالية والتقسيم، ليمتد الى فيدرالية في العراق وتقسيم للسعودية.
ولاحظ «العلامة السيد» ان الادارة الاميركية تحاول تحشيد العرب ضد ايران تحت عنوان التمدد الشيعي او القومية العربية مقابل القومية الفارسية، فيما تسعى ايران لعلاقات وثيقة مع العالم العربي. فيما الولايات المتحدة الاميركية تعمل للسيطرة على العالم العربي والاسلامي لمصادرة ثرواته ومواقعه الاستراتيجية والسياسية والامنية، وهي اطلقت الفوضى وتعمل على التركيز على الدوائر بين المسلمين السنة والشيعة، لذا فان المخابرات الاميركية والاسرائيلية تتحرك في محاولة لخلق فتنة بين السنة والشيعة، كما هي الحال في العراق وقد تمدد عملاء اميركا في العالم العربي ليسوقوا لهذا النهج في العراق فيما نحن لدينا معطيات مؤكدة ان هناك مقاومة شيعية للاحتلال الاميركي في العراق. كما المقاومة لدى السنة.
ويشير العلامة فضل الله الى حالة الخوف التي تحاول المخابرات تعميمها حول عملية تشييع السنة والسيطرة عليهم مستغرباً ان تغرق بعض المواقع ممن كنا نعتقدها وحدوية في المنزلق الاميركي، فيما يتحدثون انهم يعارضون السياسة الاميركية. وقال بعض الاشخاص الذين يريدون تضخيم زعامتهم يوحون لبعض المواقع الاسلامية انهم هم الحماية لهذه المواقع السنية وامتيازاتهم ضد الشيعة. وهذا وهم، ذلك ان ليس الشيعة من يرثون المواقع السنية، فالموقع الرسمي السني لا يُستبدل بشيعي، لذلك بعض الزعامات تحاول ان تضخم مواقعها في لبنان بهدف الاثارة المذهبية لتتمكن من استخدام الناس غرائزياً.
السيد فضل الله اكد ان ليس للشيعة في لبنان او العالم العربي مشروع سياسي خاص ولا يبحثون عن شيعية في العراق او لبنان، او اي دولة خليجية، بل هم يطالبون بالمواطنة ليتساووا مع اخوانهم في اوطانهم، لذا فالحديث عن هلال شيعي هو وهم. اما في لبنان فالشيعة لا يشكلون خطراً على اي طائفة وخاصة الطائفة الاسلامية، لكنهم يشكلون خطراً على اسرائيل ولعل هذا هو السبب لما يواجهونه خصوصاً بعد انتصار تموز حيث هناك الكثيرون من اللبنانيين الذين يدافعون عن اسرائيل اكثر مما يدافعون عن لبنان، فيما نلاحظ ان البعض يركز على الجانب المأساوي لعدوان تموز ولا يتحدث عن الانتصار بل ينكرونه، ومن المضحك المبكي ان تكون اسرائيل اعترفت بهزيمتها فيما الكثيرون في لبنان ينكرون على المقاومة انتصارها.
المرجع السيد فضل الله قال هناك جهات في لبنان ليست من المسلمين من قريب او بعيد تحرك المذهبية بين السنة والشيعة لتستفيد في مواقعها وتتفادى اية مشاكل داخل طائفتها. كما ان بعض الزعامات الاسلامية في لبنان تحاول تضخيم مواقعها من خلال الايحاء للمسلمين السنة بانها تمثل الحماية لهم ضد الشيعة والشيعة ليسوا خطراً سوى على اسرائيل وحدها.
العلامة فضل الله رأى ان اليهود اخلص ليهوديتهم من الكثيرين من العرب واخلاصهم لعروبتهم واسلامهم وان بعض هؤلاء وصلوا الى حالة من الضعف تريد من خلالها اسرائيل اسقاط ورقة التوت عنهم وهم يلهثون وراء سلام اسرائيل. مشيراً الى ان الجامعة العربية باتت لا تملك لنفسها ولا للعرب ضراً ولا نفعاً وان اسرائيل هي الدولة التي لا تريد السلام العادل بل تريد من الانظمة العربية تقديم التنازلات حتى ورقة التوت، داعياً الامة للافتخار بانجاز المقاومة في لبنان والى وعي مخاطر المشروع الاميركي - الصهيوني الهادف لضرب المسلمين ببعضهم البعض...
حديث شامل حول قضايا لبنان والعالمين العربي والاسلامي ومخاطر الفتنة الطائفية اجرته «الديار» مع العلامة المرجع السيد محمد حسين فضل الله في منزله في حارة حريك وسط الدمار الذي خلفته آلة العدوان الاميركي - الاسرائيلي خلال عدوان تموز على المقاومة وشعبها.
وهنا الحوار:
حاوره: ياسر الحريري
* نراقب جميعا تطور الاوضاع في لبنان والمنطقة، من اي زاوية ترى ان الحلول الاقليمية قادرة على ان تثبت حلاً ما في لبنان؟
- للازمة اللبنانية ثلاث دوائر: الدائرة الاولى هي المحلية التي تمثل ما يسمى بالمعارضة والموالاة، وهي التي تحاول ان تحرك المسألة في اطار خطين، خط حكومة الوحدة الوطنية وخط المحكمة ذات الطابع الدولي التي يفكر كل فريق بالسلبيات والايجابيات التي تضخم موقعه، او تصل به الى اهدافه او الى مواقع الامن السياسي لديه.
الدائرة الثانية هي الدائرة الاقليمية التي قد تجد في الساحة اللبنانية بعض الآفاق في صراعاتها الدولية وهذا ما يتمثل في اكثر من موقع عربي منفتح على سوريا وايران في كل التعقيدات التي تتحرك في الاطار العربي والاقليمي من خلال الطروحات التي يتداولها الواقع السياسي في القومية العربية والقومية الفارسية والمذهبية السنية والشيعية والتطرف والاعتدال. هذه هي التي يحاول كل فريق ان يطرح خطوطه التي تتصل بالقضايا الحيوية التي يديرها في حركته في المنطقة، من خلال مشاريعه الخاصة ومن خلال امنه السياسي والامني.
الدائرة الثالثة التي تقودها الولايات المتحدة الاميركية التي عملت لتستفيد من موقعها الضاغط لإصدار اكثر من قرار دولي او اممي لينفتح على الواقع اللبناني، وهو القرار 1559 وما بعده من القرارات التي أريد لها ان تحرك المسألة اللبنانية لمصالح المشاريع الاميركية في الضغط على المقاومة من جهة وفي توظيف الاوضاع الطائفية اللبنانية في المشاريع السياسية الاميركية والى جانب ذلك دخلت فرنسا على الخط باعتبار علاقاتها التاريخية في لبنان. والتي تعتبر الساحة اللبنانية ساحة تقليدية لنفوذها السياسي ومن الطبيعي ان تتحرك الخطوط الاوروبية مع الخط الاميركي، من خلال العلاقات العضوية، بين الاتحاد الاوروبي واميركا وفرنسا من جهة ثانية، مع دائرة واسعة وهي الدائرة الاسرائيلية، التي تحولت الى دائرة تنفذ الى اكثر المواقع الدولية العالمية والتي دأبت منذ الحرب الاسرائيلية ضد لبنان والى تأييد اسرائيل بشكل مطلق في هذا المجال، ونحن نعرف ان القرار 1701 لم ينطلق لخدمة لبنان، بل انطلق لخدمة اسرائيل وهذا ما نعرفه من خلال ان احد بنوده وهو وقف اطلاق النار لم يطبق حتى الآن. ولا يزال الواقع اللبناني في مواجهة اسرائيل لا يملك فيه اللبنانيون وقف اطلاق النار، بل هناك وقف للعمليات الاسرائيلية ومما يفسح المجال لأي عمل عسكري مستقبلي على اساس ان المسألة لا تزال مفتوحة للصراع اللبناني - الاسرائيلي.
من خلال هذه الدوائر نعرف ان لبنان يمثل الساحة التي تتجاذبها الأوضاع الدولية والاقليمية وتستفيد من المفردات المحلية التي يحاول فيها كل زعيم او حزب او طائفة على ما يمكن الحصول عليه من الخط الدولي او الخط الاقليمي هنا او هناك ولذا أصبحت المسألة ان نجد ان كل التصريحات والتعليقات والتحليلات تمثل الصدى لما يحدث اقليميا، المنفتح على الواقع الدولي، لذا تتصور ان الساحة اللبنانية هي الساحة التي تتحرك العواصف فيها من كل اتجاه من دون اي حالة من حالة الاستقرار، حتى اننا عندما نواجه حالة ايجابية في مرحلة لا تلبث أن تتحول الى حالة سلبية من خلال تصريح هنا او تصريح هناك حتى في الدائرة التي ينفتح فيها الناس على الأمل، نحن امام ما أثير من حالة التفاؤل في اجتماع القمة بين ايران والسعودية، نجد ان وزير الخارجية السعودية سعود الفصيل يتحدث بأن الأزمة في لبنان ما تزال تراوح مكانها، كأنه يقول لجميع الافرقاء اللبنانيين لا تتفاءلوا كثيراً لانه ليس هناك اية خطوط يمكن ان تصل بكم الى الحل.
* طرحت عناوين كثيرة ولو اخذت نقطة نقطة ومنها ان السعودية بكلامها تقول ان الحل ليس عربياً هل توافقني الرأي؟
- عندما ندرس الذي يدير المسألة اللبنانية بالكامل، من خلال خلق تعقيدات متنوعة لخدمة مشاريعه هو الفريق الاميركي، الذي رأى ان لبنان الذي يملك وحده في المنطقة العربية، الحرية المتمثلة في حرية الفكر والعمل السياسي والاعلام الى جانب النظام الطائفي الذي تنفتح فيه كل طائفة على الخارج لتستقوي به، ولتستخدم مشاريعها من خلال علاقته بمشاريع الخارج وعندما نفهم ان القضية تنطلق من خلال العقدة الاميركية، التي نتابعها من خلال الموفدين الاميركيين ومن خلال تصريحات الرئيس الاميركي ونائبه ووزيرة خارجيته في الشؤون اللبنانية الداخلية كما لو كان فريقاً داخلياً لبنانياً يحاول أن يحرك المفردات اللبنانية الصغيرة لتحريك الواقع اللبناني.
عندما نفهم أن اميركا تسيطر على أكثر الواقع العربي وخصوصاً الواقع الذي يتحدث فيه الناس في لبنان بأنه يملك فرصة المبادرة للحل هنا وهناك من خلال حركة السفراء التي تتجول بين السياسيين اللبنانيين في الوقت الذي يصرح فيه هذا السفير أو ذاك أن ليس هناك مبادرة سعودية وليست هناك مبادرة مصرية. نعرف حينها ان المسألة ليست عربية كما انها ليست محلية لأن القيادة بيد السيد الاميركي الذي يملك كل ادوات الضغط على الواقع العربي والمحلي من خلال فريقه المحلي في لبنان.
اميركا تمثل الاستكبار... المقاومة
* هل يمكن القول ان الشيعة في لبنان والعالم العربي يواجهون المشروع الاميركي والجزء الثاني من سؤالي اسألكم كمرجع وفقيه هل هناك مشكلة عقائدية بالمعنى العقائدي مع الاميركيين؟
ـ نحن لا نتحدث كشيعة بالمعنى المذهبي الضيّق نحن نتحدث كمسلمين ونعتبر أن الاسلام يرفض من المسلم ان يعطي بيده إعطاء الذليل او يقرّ اقرار العبيد، لأن الله جعل العزّة لنفسه ولرسوله وللمؤمنين وقد ورد في حديث الامام جعفر الصادق (ع) (ان الله فوّض الى المؤمن اموره كلها ولم يفوّض إليه أن يكون ذليلاً) وفي ضوء هذا فإن الخط الاسلامي في خط أهل البيت عليهم السلام وهو الخط الاسلامي الأصيل ينفتح على قضية العزّة من خلال حركتها في مسألة الحرية التي لا بدّ لكل انسان من ان يلتزمها في تفكيره وفي حركته ونحن نروي عن الامام علي (لا تكن عبد غيرك وقد جعلك الله حراً) لذلك فإن الخط الاسلامي يفرض على الانسان ان يقف ضد الاستكبار العالمي ولا سيما المتمثل الآن في الولايات المتحدة الاميركية التي تخطط وتتحرك للسيطرة على العالم كله لمصادرة ثرواته ومواقعه الاستراتيجية والسياسية والأمنية ولذلك فقد تحركت الخطوط السياسية الاميركية ضد المقاومة الاسلامية المتمثلة بالمقاومة اللبنانية التي يغلب عليها العنصر الاسلامي الشيعي واذا كانت حاولت ان تخدع المسلمين الشيعة في العراق بأنها جاءت لتحررهم من سيطرة الطاغية. فإنها استغلت ظروفهم المأساوية والخاصة لتمارس هذه الخديعة لكننا نعرف ان الرأي العام الاسلامي في العراق سواء كان سنياً أو شيعياً يرفض الاحتلال ولذلك نعرف الآن ان هناك مقاومة في الوسط الشيعي ضد الاحتلال كما هي مقاومة في الوسط السني ضد الاحتلال.
المخابرات الاميركية والصهيونية وراء الفتنة
* ترددون دائماً ان المشروع الاميركي ـ الصهيوني يريد الفتنة بين المسلمين؟
ـ نحن نعتبر ان اميركا التي اطلقت من خلال رئيسها الفوضى في العالم العربي والاسلامي وذلك بالتركيز على الدوائر التي ترتكز على الاحساس والشعور وخصوصاً في الاوضاع الحادة التي عاشها المسلمون في التاريخ والتي يحاول التخلف في اكثر من موقع اسلامي ان يثيرها وان يطورها بطريقة او بأخرى ومن اجل استعادة التاريخ للواقع حتى يبتعد الناس عن ازالة الواقع بالهرب الى التاريخ ليعيشوا هروب التاريخ واحقاده وتعقيداته وهذا ما لاحظناه في المسألة المذهبية بين السنة والشيعة، والتي كانت تخفي في مرحلة، وتظهر في مرحلة اخرى، فقد حاولت المخابرات الاميركية والصهيونية ان تحرك الظروف من اجل خلق فتنة سنية ــ شيعية، كما هي الحال في العراق، عندما حاولت ان تثير في نفوس الطائفة السنية بان الشيعة جاؤوا من اجل ان يتسلموا الحكم في العراق ضد السنة، وان ذلك ربما يؤدي الى نتائج سلبية على الواقع الاسلامي السني في هذا المجال ومن الطبيعي في هذا المعنى انتشار عملاء اميركا في العالم العربي والاسلامي، باعتبار ان الاحداث في العراق اوجدت نوعا من انواع الحساسية المذهبية التي طرحت فيها الكثير من العناوين بأن الشيعة يريدون ان يصادروا السنة وان يقوموا بعملية تشييع السنة وانهم يريدون السيطرة على العالم السني وما الى ذلك مما تحدث به بعض الناس، الذين كنا نتصور انهم وحدويون، لكنهم رجعوا الى قواعدهم المذهبية ــ الطائفية بشكل مظلم، دون ان يلتفتوا، وهم يقولون عن انفسهم انهم يعارضون السياسة الاميركية، انهم يخدمون السياسة الاميركية في هذا المجال.
بعض الاشخاص ضخموا زعماتهم
نحن نعتقد ان الدماء التي تسيل في العراق تحت عنوانين مذهبية وطائفية، وان المسألة التي تحرك في الواقع السياسي ان هناك حربا اهلية او حربا طائفية، بدأت تعطي اكلها في العالم الاسلامي وبشكل عام ولا سيما ان بعض الاشخاص الذين ارادوا ان يضخموا زعماتهم وان يوحوا لبعض المواقع الاسلامية، بأنهم هم الذين يمثلون حماية هذه المواقع فأثاروا المسألة المذهبية السنية ــ الشيعية ليقولوا انهم الذين يحمون مواقع السنة وامتيازاتهم ضد الهجمة الشيعية، ومع ان هذا كلام يتحرك في خط الوهم لان الشيعة، ليسوا هم يرثون المواقع السنية كما ان الموقع السني الرسمي لا يعني ان الحكومة سنية، بل هي حكومة ائتلافية، كما ان المعارضة ائتلافية، وكذلك الموالاة لذلك لو فرضنا انه سقط رئيس الحكومة السني تحت تأثير الدعوات لاسقاطه فلن يأتي رئيس شيعي مكانه، بل سيأتي رئيس سني، ولكن بعض الزعامات تحاول ان تضخم مواقعها بعملية الاثارة الغرائزية المذهبية حتى يلتف الناس حولها في عملية حادة يمكن استخدامها من قبل هؤلاء الناس، ولكن قبل حلفائهم الذين يخططون لان يضرب المسلمون بعضهم ببعض، ليبقوا هم على التل يتفرجون على الدماء التي تسيل، ولقد لاحظنا ذلك فيما حدث يوم الثلاثاء ويوم الخميس في لبنان.
ليس للشيعة مشروع سياسي خاص
* تقولون انتم وغيركم ليس للشيعة مشروع خاص في لبنان ولا غير لبنان، لكن وجدنا انه في مؤتمر «اسلام اباد» دول اسلامية من مذاهب معينة تتحدث وتحذر من التمدد الشيعي والشيعية السياسية؟
- نحن نقول انه لم يحدث ولن يحدث ان يكون للشيعة مشروع سياسي خاص بحيث يبحثون في العراق عن دولة شيعية، او يبحثون في لبنان عن كانتون شيعي او يبحثون في اي موقع خليجي سواء في البحرين وحيث هناك اكثرية شيعية، او في اي موقع عن مشروع شيعي خاص.
ان المسلمين الشيعة عاشوا في مدى التاريخ تحت تأثير الاضطهاد ولذلك فهم يطالبون بأن يعيشوا في الدول التي يتواجدون فيها، على اساس المساواة مع اخوانهم المواطنين من خلال المواطنية التي تسري بين المواطنين، ولذلك فإن اثارة المسألة على اساس وجود هلال شيعي كما تحدث به بعض المسؤولين العرب، هذا تحريك لامر لا واقع له، بل هو يدخل في نطاق الوهم، لان لا واقعية له في هذا المجال، وربما اثيرت مسألة اجتماع الدول السبع التي يغلب عليها الطابع السني بأنها تتحرك من اجل جبهة سنية في مواجهة ايران ولذلك لم تدعَ ايران ولم تدعَ سوريا بإعتبار انهم يحاولون ان يعطوا ايران عنوان الحركة الشيعية التي يمكن ان تؤثر تأثيرا سلبيا على الواقع الاسلامي السني، في الوقت الذي يعرف الجميع بأن العقدة التي توجّه الآن اميركيا ضد ايران، وتحاول تعبئة بعض الدول العربية انها مسألة سياسية، وليس لها اي دور في المسألة المذهبية من قريب او بعيد. لذلك نعتقد ان المسألة تمثل الفوضى التي تريد ان تحركها المخابرات المركزية الاميركية لتتحد كل الاوراق ولتشغل المسلمين بعضهم ببعض. حتى لا يتحركوا في خطة وحدوية تواجه خطط الصهيوينة والاستكبار العالمي الذي هو ضد كل العالمين العربي والاسلامي.
* الا ترون ان هناك مسؤولية مباشرة على العلماء والمسؤولين في عدم الوقوف بوجه هذه الفتنة؟
- نحن نعتقد ان هناك مسؤولية مباشرة على علماء المسلمين من السنة والشيعة؟ وعلى المفكرين والمثقفين وعلى المواقع السياسية في العالم الاسلامي، لأن تتنبه لهذا الخطر الكبير الذي يريدون من خلاله اسقاط الواقع العربي والاسلامي، تحت تأثير الهيمنة الاميركية المطلقة، التي تحاول ان تتدخل في مفاصل العالمين العربي والاسلامي تحت اكثر من عنوان وهذا ما نلاحظه في عنوان الحرب على الارهاب الذي استخدمته اميركا بعد 11 ايلول لتنفذ الى الواقع الاسلامي والعربي لتبعث فيه ولتسيطر عليه ولتقمع كل سياسة معارضة للسياسة الاميركية.
العلاقات الايرانية ـ العربية
* في كل مكان ما، خلال الحديث ذكرت انه تحت عنوان القومية العربية يحاولون استشارة الشارع الاسلامي؟
- هم يتحدثون عن العروبة، تماما كما فعلوا عند الحرب العراقية - الايرانية، من اجل تجميع العالم العربي ضد ايران وعلى اساس ان القومية الفارسية والتي تمثل الباب الشرقي للمنطقة العربية وتريد السيطرة عليها، انهم يحاولون ان يتحدثوا الان عن ان هناك خطرا فارسيا يتمثل في حركة ايران ضد الواقع العربي، ولكن هذا ليس له اية واقعية.
نحن نعرف ان ايران تحاول بكل جهدها ان توثّق علاقاتها السياسية والامنية بالعالم العربي، وهذا ما نلاحظه في العلاقات الايرانية - الخليجية، وكما نلاحظ في الزيارات التي يقوم بها المسؤولون الايرانيون الى مصر والسودان هذا بالاضافة الى ان ايران تدعم المقاومة الفلسطينية من كل ما لديها من دعم مادي ومعنوي وسياسي، مما يعني ان ايران لا تمثل اي خطورة على العالم العربي، بل يريدون من العالم العربي ان يمثل الخطورة على ايران، وذلك من خلال ما طرحته وزيرة الخارجية الاميركية، في اجتماعها مع ثماني دول عربية وهي دول الخليج زائد مصر والاردن سواء في اللقاء في مصر او الكويت او في الاجتماعات الامنية التي تضم المسؤولين عن الامن في اكثر من دولة عربية بالاضافة الى اسرائيل، ومنها تمثل ايجاد خطة متعددة المواقع، من اجل الضغط على ايران ولمساعدة اميركا في الحرب ضد ايران.
لو فرضنا ان اميركا تخطط لهذه الحرب في الوقت الذي نعرف ان هناك حربا اعلامية - سياسية واقتصادية ضد ايران ومن الممكن ان تتحول الى حرب حارة ولذلك فإننا عندما ندرس الواقع السياسي فإننا نجد ان هناك خطة اميركية لايجاد خطر عربي على ايران، بدل ان تكون ايران خطرا فارسيا على العالم العربي.
* عملانيا، القضية هنا هي قضية «شيعي - سني»؟
- ومن الطبيعي استخدام العنصر السني - الشيعي في هذه المعركة.
كثيرون في لبنان يدافعون عن اسرائيل
* بهذا المعنى الا ترى في لبنان ان بعض المواقع تستفيد من هذا التحشيد المذهبي والطائفي؟
- هناك جهات في لبنان ليست من المسلمين من قريب او بعيدتحرك المسألة المذهبية بين السنة والشيعة لتستفيد من ذلك في مواقعها الخاصة ولتتفادى أية مشكلة طائفية داخل طوائفها. كما ان بعض الزعامات الاسلامية تحاول تضخيم مواقعها من خلال محاولة الإيحاء للمسلمين السنة بأنها هي التي تمثل عنصر الحماية ضد الشيعة. ونحن نعرف ان الشيعة في لبنان لم يكونوا في تاريخهم ولا في الواقع الحاضر ولا في المستقبل خطرا على اي طائفة لا سيما الطائفة الاسلامية في لبنان.
بل هم خطر على اسرائيل وحدها ولعل كل هذه الإثارة التي تتحرك انها تحرك كثيرين من اللبنانيين يدافعون عن اسرائيل اكثر مما يدافعون عن لبنان ولذلك فإنهم حاولوا تعقيد الاوضاع اللبنانية ضد المقاومة لأن ذنبها وجريمتها الكبيرة انها قاومت اسرائيل وانتصرت على اسرائيل ونحن نعرف ان هناك كثيرا من الاصوات التي تؤكد على جانب المأساة في العدوان الصهيوني على لبنان ولا تؤكد على جانب الانتصار الذي استطاعت الأمة ان تحصل عليه، من خلال انتصارات المقاومة الاسلامية.
ومن المضحك المبكي ان الاسرائيليين يتحدثون عن هزيمتهم ويتحدثون عن المشاكل التي حدثت لهم في حربهم مع المقاومة، ولكن الكثيرين من اللبنانيين ينكرون انتصار المقاومة وينكرون الموقف العنفواني الذي استطاعت المقاومة ان تحققه للبنان وللعالم العربي والاسلامي.
نلاحظ اننا وصلنا الى وقت في العالم العربي والاسلامي ليقول العديد ان هناك طوائف هي ضد مشروع السلام وطوائف هي مع مشروع السلام و«الاعتدال»؟
التنازلات حتى ورقة التوت
* ولماذا الشيعة يحملون السلاح؟
- نحن نقول ان الدولة التي لا تريد السلام هي اسرائيل وان الذين يتحدثون عن السلام في الواقع العربي يلهثون وراء اسرائيل لتتصدق عليهم بسلام. اي سلام حتى لو كان ذليلا لا يعطي الفلسطينيين الا النذر القليل من حقوقهم. وعندما ندرس الطروحات التي طرحت على مؤتمر وزراء الخارجية العرب من خلال اسرائيل، فإن اسرائيل انطلقت عبر بعض الذين صالحوها من العرب.
او بعض الذين يؤيدونها من العرب تحت الطاولة، طرحت ان تقوم القمة العربية بالاستغناء عن عودة اللاجئين الفلسطينيين وايضا عن مسألة القدس وغيرها. اسرائيل تريد من العرب او يقدموا التنازلات حتى «ورقة التوت»
ونحن نجد ان الضعف الذي اصاب العالم العربي، بحيث فقد العالم العربي عنوانه الذي يجمع الدول العربية وشعوبها، ولولا مؤسسة الجامعة العربية التي لا تملك لنفسها ولا للعرب ضراً ولا نفعاً. ان الدولة التي لا تريد السلام العادل هي اسرائيل، وهي لم تتقبل المبادرة العربية للسلام التي اطلقت في بيروت، بل انها رفضتها كما ان اميركا رفضتها آنذاك، واعتبرتها مجرّدمبادرة تصلح للمفاوضة. لذا نعتقد ان اسرائيل لاتريد السلام كما هي الحقوق العربية لانهم مخلصون ليهوديتهم لا مخلصون لكل طروحاتهم في ان فلسطين كلها ارض الميعاد، التي لا بدّ لها ان تحتضن كل يهود العالم. ولذلك فان الذين يعارضون السلام مع اسرائيل هم ينطلقون من الاصالة العربية والاسلامية التي تمنع اية جهة من ان تسيطر على الارض العربية وشعوبها. انني اعتقد ان اسرائيل اكثر اخلاصاً لاستراتيجيتها من اخلاص كثيرين من العرب لقوميتهم ولاسلامهم ولكرامتهم وعزتهم في المسألة الفلسطينية والتي بدأت تمتد من الناحية السياسية لاسقاط الواقع العربي تحت تأثير الضربة الاميركية التي قد تكون قاضية في نهاية المطاف.
* تحاول الادارة الاميركية في لبنان دخول الطائفة الشيعية عبر ادوات او عبر مشاريع خاصة، الا ترى ان هناك محاولات لضرب الطائفة الشيعية من الداخل؟
- نحن نعتقد ان الطائفة الاسلامية الشيعية التي تقف مع مبادئها الاسلامية والعربية استطاعت ان تثبت ضد كل هذا الزلزال السياسي الاميركي، وكل خطوط الفتنة في هذا المجال، وان بعض الاصوات الناشزة هنا او هناك، هي اصوات تضيع في الهواء، امام كل المواقف التحريرية التي تؤكد اننا ما نزال مع شعار الامام الحسين (لا والله لا اعطيكم يدي اعطاء الذليل ولا اقرّ لكم اقرار العبيدِ) نحن نعتقد ان عاشوراء تنطلق في كل سنة، من اجل ان نجدد معنى الحرية والكرامة للذين يلتزمونها، التزاماً تحريرياً، لا مجرّد التزام مذهبي.
* بعد هذه الجولة الا ترون ان هناك انقساماً وتسابقاً بين التسوية والحرب؟
- قلنا ان المنطقة ما تزال تحت تأثير العفريت الاميركي والجني الاسرائيلي وهما يخططان على اساس تحالفهما الاستراتيجي لبعثرة المنطقة واسقاطها ومصادرة كل ثرواتها واستغلال كل مواقعها ولحق كل الاوراق حتى تتحول المنطقة الى فرق سياسية متنافرة حتى لو بقي كل بلد على وحدته هذا في الوقت الذي نلمح فيه بعض الخطوط عن ان هناك حديثا عن فيدرالية قد تتحول الى تقسيم وقد سمعنا مؤخرا في لبنان لبعض الذين يتحدثون عن الفيدرالية الطوائفية في لبنان وهناك من يتحدث عن الفيدرالية في العراق وهناك من يتحدث عن تقسيم المنطقة حتى ان البعض يتحدث عن تقسيم السعودية وايران وما الى ذلك.
العلامة فضل الله (تصوير رمزي الحاج)
السبت، 10 مارس 2007
الاشتراك في:
تعليقات الرسالة (Atom)
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق