السبت، 10 مارس 2007

‏«ليس للشيعة مشروع سياسي ولا يشكلون خطراً في لبنان على احد الا على اسرائيل وهذا ‏ذنبهم»‏
العلامة فضل الله لـ «الديار» : البعض يضخّم حجمه ليثير الناس مذهبياً وفئات لا تمت الى ‏الإسلام بصلة تعمل للفتنة
الفريق الاميركي يخلق التعقيدات والكثير من اللبنانيين يدافعون عن اسرائيل اكثر مما ‏يدافعون عن لبنان








حديث تناول شؤون وهموم المنطقة العربية والاسلامية مع العلامة المرجع آية الله السيد محمد ‏حسين فضل الله. فانبرى السيد يقدم المعطيات ويحللها وفق السياق المنطقي الموضوعي المتلائم مع ‏الشرع ومع الذهنية الاسلامية والوطنية التي طالما تحدث عنها «السيد المرجع»، الا ان الظروف ‏المحيطة بالمنطقة كبيرة وخطيرة، تتعلق بالعلاقات الاسلامية بين السنة والشيعة، والعلاقات ‏العربية - الايرانية والعلاقات العربية -العربية، كما كان للشأن الداخلي اللبناني ‏وارتباطه بازمة المنطقة، وملفها رؤية واضحة، تحدث بها «السيد» وحيث لم ينفك يشير الى ‏المخطط الاميركي - الصهيوني والمخابرات المركزية الاميركية والموساد هذا المخطط المشروع. الذي ‏يريد ضرب المسلمين ببعضهم البعض.‏
العلامة المرجع السيد فضل الله مسك من عنق المشروع الاميركي الصهيوني وتحدث عنه طالباً من ‏العلماء والمواقع السياسية والفكرية في العالم العربي الانتباه للفتنة التي يريدون ‏ادخالهم في نارها مشيراً الى الحديث القائم في لبنان عن الفيدرالية والتقسيم، ليمتد الى ‏فيدرالية في العراق وتقسيم للسعودية.‏
ولاحظ «العلامة السيد» ان الادارة الاميركية تحاول تحشيد العرب ضد ايران تحت عنوان التمدد ‏الشيعي او القومية العربية مقابل القومية الفارسية، فيما تسعى ايران لعلاقات وثيقة ‏مع العالم العربي. فيما الولايات المتحدة الاميركية تعمل للسيطرة على العالم العربي ‏والاسلامي لمصادرة ثرواته ومواقعه الاستراتيجية والسياسية والامنية، وهي اطلقت الفوضى ‏وتعمل على التركيز على الدوائر بين المسلمين السنة والشيعة، لذا فان المخابرات الاميركية ‏والاسرائيلية تتحرك في محاولة لخلق فتنة بين السنة والشيعة، كما هي الحال في العراق وقد ‏تمدد عملاء اميركا في العالم العربي ليسوقوا لهذا النهج في العراق فيما نحن لدينا معطيات ‏مؤكدة ان هناك مقاومة شيعية للاحتلال الاميركي في العراق. كما المقاومة لدى السنة.‏
ويشير العلامة فضل الله الى حالة الخوف التي تحاول المخابرات تعميمها حول عملية تشييع السنة ‏والسيطرة عليهم مستغرباً ان تغرق بعض المواقع ممن كنا نعتقدها وحدوية في المنزلق الاميركي، ‏فيما يتحدثون انهم يعارضون السياسة الاميركية. وقال بعض الاشخاص الذين يريدون تضخيم ‏زعامتهم يوحون لبعض المواقع الاسلامية انهم هم الحماية لهذه المواقع السنية وامتيازاتهم ضد ‏الشيعة. وهذا وهم، ذلك ان ليس الشيعة من يرثون المواقع السنية، فالموقع الرسمي السني لا ‏يُستبدل بشيعي، لذلك بعض الزعامات تحاول ان تضخم مواقعها في لبنان بهدف الاثارة المذهبية ‏لتتمكن من استخدام الناس غرائزياً.‏
السيد فضل الله اكد ان ليس للشيعة في لبنان او العالم العربي مشروع سياسي خاص ولا يبحثون ‏عن شيعية في العراق او لبنان، او اي دولة خليجية، بل هم يطالبون بالمواطنة ليتساووا ‏مع اخوانهم في اوطانهم، لذا فالحديث عن هلال شيعي هو وهم. اما في لبنان فالشيعة لا يشكلون ‏خطراً على اي طائفة وخاصة الطائفة الاسلامية، لكنهم يشكلون خطراً على اسرائيل ولعل هذا ‏هو السبب لما يواجهونه خصوصاً بعد انتصار تموز حيث هناك الكثيرون من اللبنانيين الذين ‏يدافعون عن اسرائيل اكثر مما يدافعون عن لبنان، فيما نلاحظ ان البعض يركز على الجانب ‏المأساوي لعدوان تموز ولا يتحدث عن الانتصار بل ينكرونه، ومن المضحك المبكي ان تكون ‏اسرائيل اعترفت بهزيمتها فيما الكثيرون في لبنان ينكرون على المقاومة انتصارها.‏
المرجع السيد فضل الله قال هناك جهات في لبنان ليست من المسلمين من قريب او بعيد تحرك ‏المذهبية بين السنة والشيعة لتستفيد في مواقعها وتتفادى اية مشاكل داخل طائفتها. كما ‏ان بعض الزعامات الاسلامية في لبنان تحاول تضخيم مواقعها من خلال الايحاء للمسلمين السنة ‏بانها تمثل الحماية لهم ضد الشيعة والشيعة ليسوا خطراً سوى على اسرائيل وحدها.‏
العلامة فضل الله رأى ان اليهود اخلص ليهوديتهم من الكثيرين من العرب واخلاصهم لعروبتهم ‏واسلامهم وان بعض هؤلاء وصلوا الى حالة من الضعف تريد من خلالها اسرائيل اسقاط ورقة ‏التوت عنهم وهم يلهثون وراء سلام اسرائيل. مشيراً الى ان الجامعة العربية باتت لا تملك ‏لنفسها ولا للعرب ضراً ولا نفعاً وان اسرائيل هي الدولة التي لا تريد السلام العادل بل ‏تريد من الانظمة العربية تقديم التنازلات حتى ورقة التوت، داعياً الامة للافتخار بانجاز ‏المقاومة في لبنان والى وعي مخاطر المشروع الاميركي - الصهيوني الهادف لضرب المسلمين ببعضهم ‏البعض...‏
حديث شامل حول قضايا لبنان والعالمين العربي والاسلامي ومخاطر الفتنة الطائفية اجرته ‏‏«الديار» مع العلامة المرجع السيد محمد حسين فضل الله في منزله في حارة حريك وسط الدمار ‏الذي خلفته آلة العدوان الاميركي - الاسرائيلي خلال عدوان تموز على المقاومة وشعبها. ‏


وهنا الحوار:‏


‏ حاوره: ياسر الحريري





‏* نراقب جميعا تطور الاوضاع في لبنان والمنطقة، من اي زاوية ترى ان الحلول الاقليمية ‏قادرة على ان تثبت حلاً ما في لبنان؟
‏- للازمة اللبنانية ثلاث دوائر: الدائرة الاولى هي المحلية التي تمثل ما يسمى بالمعارضة ‏والموالاة، وهي التي تحاول ان تحرك المسألة في اطار خطين، خط حكومة الوحدة الوطنية وخط ‏المحكمة ذات الطابع الدولي التي يفكر كل فريق بالسلبيات والايجابيات التي تضخم موقعه، او ‏تصل به الى اهدافه او الى مواقع الامن السياسي لديه.‏
الدائرة الثانية هي الدائرة الاقليمية التي قد تجد في الساحة اللبنانية بعض الآفاق في ‏صراعاتها الدولية وهذا ما يتمثل في اكثر من موقع عربي منفتح على سوريا وايران في كل ‏التعقيدات التي تتحرك في الاطار العربي والاقليمي من خلال الطروحات التي يتداولها الواقع ‏السياسي في القومية العربية والقومية الفارسية والمذهبية السنية والشيعية والتطرف ‏والاعتدال. هذه هي التي يحاول كل فريق ان يطرح خطوطه التي تتصل بالقضايا الحيوية التي ‏يديرها في حركته في المنطقة، من خلال مشاريعه الخاصة ومن خلال امنه السياسي والامني.‏
الدائرة الثالثة التي تقودها الولايات المتحدة الاميركية التي عملت لتستفيد من موقعها ‏الضاغط لإصدار اكثر من قرار دولي او اممي لينفتح على الواقع اللبناني، وهو القرار 1559 ‏وما بعده من القرارات التي أريد لها ان تحرك المسألة اللبنانية لمصالح المشاريع الاميركية في ‏الضغط على المقاومة من جهة وفي توظيف الاوضاع الطائفية اللبنانية في المشاريع السياسية ‏الاميركية والى جانب ذلك دخلت فرنسا على الخط باعتبار علاقاتها التاريخية في لبنان. والتي ‏تعتبر الساحة اللبنانية ساحة تقليدية لنفوذها السياسي ومن الطبيعي ان تتحرك الخطوط ‏الاوروبية مع الخط الاميركي، من خلال العلاقات العضوية، بين الاتحاد الاوروبي واميركا وفرنسا ‏من جهة ثانية، مع دائرة واسعة وهي الدائرة الاسرائيلية، التي تحولت الى دائرة تنفذ الى ‏اكثر المواقع الدولية العالمية والتي دأبت منذ الحرب الاسرائيلية ضد لبنان والى تأييد ‏اسرائيل بشكل مطلق في هذا المجال، ونحن نعرف ان القرار 1701 لم ينطلق لخدمة لبنان، بل ‏انطلق لخدمة اسرائيل وهذا ما نعرفه من خلال ان احد بنوده وهو وقف اطلاق النار لم يطبق ‏حتى الآن. ولا يزال الواقع اللبناني في مواجهة اسرائيل لا يملك فيه اللبنانيون وقف اطلاق ‏النار، بل هناك وقف للعمليات الاسرائيلية ومما يفسح المجال لأي عمل عسكري مستقبلي على ‏اساس ان المسألة لا تزال مفتوحة للصراع اللبناني - الاسرائيلي.‏
من خلال هذه الدوائر نعرف ان لبنان يمثل الساحة التي تتجاذبها الأوضاع الدولية والاقليمية ‏وتستفيد من المفردات المحلية التي يحاول فيها كل زعيم او حزب او طائفة على ما يمكن الحصول ‏عليه من الخط الدولي او الخط الاقليمي هنا او هناك ولذا أصبحت المسألة ان نجد ان كل ‏التصريحات والتعليقات والتحليلات تمثل الصدى لما يحدث اقليميا، المنفتح على الواقع الدولي، ‏لذا تتصور ان الساحة اللبنانية هي الساحة التي تتحرك العواصف فيها من كل اتجاه من دون ‏اي حالة من حالة الاستقرار، حتى اننا عندما نواجه حالة ايجابية في مرحلة لا تلبث أن ‏تتحول الى حالة سلبية من خلال تصريح هنا او تصريح هناك حتى في الدائرة التي ينفتح فيها ‏الناس على الأمل، نحن امام ما أثير من حالة التفاؤل في اجتماع القمة بين ايران ‏والسعودية، نجد ان وزير الخارجية السعودية سعود الفصيل يتحدث بأن الأزمة في لبنان ما ‏تزال تراوح مكانها، كأنه يقول لجميع الافرقاء اللبنانيين لا تتفاءلوا كثيراً لانه ليس هناك ‏اية خطوط يمكن ان تصل بكم الى الحل.‏
‏* طرحت عناوين كثيرة ولو اخذت نقطة نقطة ومنها ان السعودية بكلامها تقول ان الحل ليس ‏عربياً هل توافقني الرأي؟
‏- عندما ندرس الذي يدير المسألة اللبنانية بالكامل، من خلال خلق تعقيدات متنوعة لخدمة ‏مشاريعه هو الفريق الاميركي، الذي رأى ان لبنان الذي يملك وحده في المنطقة العربية، ‏الحرية المتمثلة في حرية الفكر والعمل السياسي والاعلام الى جانب النظام الطائفي الذي ‏تنفتح فيه كل طائفة على الخارج لتستقوي به، ولتستخدم مشاريعها من خلال علاقته بمشاريع ‏الخارج وعندما نفهم ان القضية تنطلق من خلال العقدة الاميركية، التي نتابعها من خلال ‏الموفدين الاميركيين ومن خلال تصريحات الرئيس الاميركي ونائبه ووزيرة خارجيته في الشؤون ‏اللبنانية الداخلية كما لو كان فريقاً داخلياً لبنانياً يحاول أن يحرك المفردات اللبنانية ‏الصغيرة لتحريك الواقع اللبناني.‏
عندما نفهم أن اميركا تسيطر على أكثر الواقع العربي وخصوصاً الواقع الذي يتحدث فيه ‏الناس في لبنان بأنه يملك فرصة المبادرة للحل هنا وهناك من خلال حركة السفراء التي تتجول ‏بين السياسيين اللبنانيين في الوقت الذي يصرح فيه هذا السفير أو ذاك أن ليس هناك مبادرة ‏سعودية وليست هناك مبادرة مصرية. نعرف حينها ان المسألة ليست عربية كما انها ليست ‏محلية لأن القيادة بيد السيد الاميركي الذي يملك كل ادوات الضغط على الواقع العربي والمحلي ‏من خلال فريقه المحلي في لبنان.‏




اميركا تمثل الاستكبار... المقاومة

‏* هل يمكن القول ان الشيعة في لبنان والعالم العربي يواجهون المشروع الاميركي والجزء ‏الثاني من سؤالي اسألكم كمرجع وفقيه هل هناك مشكلة عقائدية بالمعنى العقائدي مع ‏الاميركيين؟
ـ نحن لا نتحدث كشيعة بالمعنى المذهبي الضيّق نحن نتحدث كمسلمين ونعتبر أن الاسلام يرفض من ‏المسلم ان يعطي بيده إعطاء الذليل او يقرّ اقرار العبيد، لأن الله جعل العزّة لنفسه ‏ولرسوله وللمؤمنين وقد ورد في حديث الامام جعفر الصادق (ع) (ان الله فوّض الى المؤمن اموره ‏كلها ولم يفوّض إليه أن يكون ذليلاً) وفي ضوء هذا فإن الخط الاسلامي في خط أهل البيت عليهم ‏السلام وهو الخط الاسلامي الأصيل ينفتح على قضية العزّة من خلال حركتها في مسألة الحرية التي ‏لا بدّ لكل انسان من ان يلتزمها في تفكيره وفي حركته ونحن نروي عن الامام علي (لا تكن عبد ‏غيرك وقد جعلك الله حراً) لذلك فإن الخط الاسلامي يفرض على الانسان ان يقف ضد الاستكبار ‏العالمي ولا سيما المتمثل الآن في الولايات المتحدة الاميركية التي تخطط وتتحرك للسيطرة على ‏العالم كله لمصادرة ثرواته ومواقعه الاستراتيجية والسياسية والأمنية ولذلك فقد تحركت ‏الخطوط السياسية الاميركية ضد المقاومة الاسلامية المتمثلة بالمقاومة اللبنانية التي يغلب ‏عليها العنصر الاسلامي الشيعي واذا كانت حاولت ان تخدع المسلمين الشيعة في العراق بأنها ‏جاءت لتحررهم من سيطرة الطاغية. فإنها استغلت ظروفهم المأساوية والخاصة لتمارس هذه ‏الخديعة لكننا نعرف ان الرأي العام الاسلامي في العراق سواء كان سنياً أو شيعياً يرفض ‏الاحتلال ولذلك نعرف الآن ان هناك مقاومة في الوسط الشيعي ضد الاحتلال كما هي مقاومة في ‏الوسط السني ضد الاحتلال.‏



المخابرات الاميركية والصهيونية وراء الفتنة

‏* ترددون دائماً ان المشروع الاميركي ـ الصهيوني يريد الفتنة بين المسلمين؟
ـ نحن نعتبر ان اميركا التي اطلقت من خلال رئيسها الفوضى في العالم العربي والاسلامي وذلك ‏بالتركيز على الدوائر التي ترتكز على الاحساس والشعور وخصوصاً في الاوضاع الحادة التي عاشها ‏المسلمون في التاريخ والتي يحاول التخلف في اكثر من موقع اسلامي ان يثيرها وان يطورها ‏بطريقة او بأخرى ومن اجل استعادة التاريخ للواقع حتى يبتعد الناس عن ازالة الواقع ‏بالهرب الى التاريخ ليعيشوا هروب التاريخ واحقاده وتعقيداته وهذا ما لاحظناه في المسألة ‏المذهبية بين السنة والشيعة، والتي كانت تخفي في مرحلة، وتظهر في مرحلة اخرى، فقد حاولت ‏المخابرات الاميركية والصهيونية ان تحرك الظروف من اجل خلق فتنة سنية ــ شيعية، كما هي ‏الحال في العراق، عندما حاولت ان تثير في نفوس الطائفة السنية بان الشيعة جاؤوا من اجل ‏ان يتسلموا الحكم في العراق ضد السنة، وان ذلك ربما يؤدي الى نتائج سلبية على الواقع ‏الاسلامي السني في هذا المجال ومن الطبيعي في هذا المعنى انتشار عملاء اميركا في العالم العربي ‏والاسلامي، باعتبار ان الاحداث في العراق اوجدت نوعا من انواع الحساسية المذهبية التي طرحت ‏فيها الكثير من العناوين بأن الشيعة يريدون ان يصادروا السنة وان يقوموا بعملية ‏تشييع السنة وانهم يريدون السيطرة على العالم السني وما الى ذلك مما تحدث به بعض الناس، ‏الذين كنا نتصور انهم وحدويون، لكنهم رجعوا الى قواعدهم المذهبية ــ الطائفية بشكل ‏مظلم، دون ان يلتفتوا، وهم يقولون عن انفسهم انهم يعارضون السياسة الاميركية، انهم ‏يخدمون السياسة الاميركية في هذا المجال.‏



بعض الاشخاص ضخموا زعماتهم

نحن نعتقد ان الدماء التي تسيل في العراق تحت عنوانين مذهبية وطائفية، وان المسألة التي ‏تحرك في الواقع السياسي ان هناك حربا اهلية او حربا طائفية، بدأت تعطي اكلها في العالم ‏الاسلامي وبشكل عام ولا سيما ان بعض الاشخاص الذين ارادوا ان يضخموا زعماتهم وان يوحوا ‏لبعض المواقع الاسلامية، بأنهم هم الذين يمثلون حماية هذه المواقع فأثاروا المسألة المذهبية ‏السنية ــ الشيعية ليقولوا انهم الذين يحمون مواقع السنة وامتيازاتهم ضد الهجمة ‏الشيعية، ومع ان هذا كلام يتحرك في خط الوهم لان الشيعة، ليسوا هم يرثون المواقع السنية ‏كما ان الموقع السني الرسمي لا يعني ان الحكومة سنية، بل هي حكومة ائتلافية، كما ان ‏المعارضة ائتلافية، وكذلك الموالاة لذلك لو فرضنا انه سقط رئيس الحكومة السني تحت تأثير ‏الدعوات لاسقاطه فلن يأتي رئيس شيعي مكانه، بل سيأتي رئيس سني، ولكن بعض الزعامات ‏تحاول ان تضخم مواقعها بعملية الاثارة الغرائزية المذهبية حتى يلتف الناس حولها في عملية ‏حادة يمكن استخدامها من قبل هؤلاء الناس، ولكن قبل حلفائهم الذين يخططون لان يضرب ‏المسلمون بعضهم ببعض، ليبقوا هم على التل يتفرجون على الدماء التي تسيل، ولقد لاحظنا ‏ذلك فيما حدث يوم الثلاثاء ويوم الخميس في لبنان.‏



ليس للشيعة مشروع سياسي خاص

‏* تقولون انتم وغيركم ليس للشيعة مشروع خاص في لبنان ولا غير لبنان، لكن وجدنا انه في ‏مؤتمر «اسلام اباد» دول اسلامية من مذاهب معينة تتحدث وتحذر من التمدد الشيعي والشيعية ‏السياسية؟
‏- نحن نقول انه لم يحدث ولن يحدث ان يكون للشيعة مشروع سياسي خاص بحيث يبحثون في العراق ‏عن دولة شيعية، او يبحثون في لبنان عن كانتون شيعي او يبحثون في اي موقع خليجي سواء في ‏البحرين وحيث هناك اكثرية شيعية، او في اي موقع عن مشروع شيعي خاص.‏
ان المسلمين الشيعة عاشوا في مدى التاريخ تحت تأثير الاضطهاد ولذلك فهم يطالبون بأن ‏يعيشوا في الدول التي يتواجدون فيها، على اساس المساواة مع اخوانهم المواطنين من خلال ‏المواطنية التي تسري بين المواطنين، ولذلك فإن اثارة المسألة على اساس وجود هلال شيعي كما ‏تحدث به بعض المسؤولين العرب، هذا تحريك لامر لا واقع له، بل هو يدخل في نطاق الوهم، لان لا ‏واقعية له في هذا المجال، وربما اثيرت مسألة اجتماع الدول السبع التي يغلب عليها الطابع ‏السني بأنها تتحرك من اجل جبهة سنية في مواجهة ايران ولذلك لم تدعَ ايران ولم تدعَ سوريا ‏بإعتبار انهم يحاولون ان يعطوا ايران عنوان الحركة الشيعية التي يمكن ان تؤثر تأثيرا ‏سلبيا على الواقع الاسلامي السني، في الوقت الذي يعرف الجميع بأن العقدة التي توجّه الآن ‏اميركيا ضد ايران، وتحاول تعبئة بعض الدول العربية انها مسألة سياسية، وليس لها اي دور ‏في المسألة المذهبية من قريب او بعيد. لذلك نعتقد ان المسألة تمثل الفوضى التي تريد ان ‏تحركها المخابرات المركزية الاميركية لتتحد كل الاوراق ولتشغل المسلمين بعضهم ببعض. حتى لا ‏يتحركوا في خطة وحدوية تواجه خطط الصهيوينة والاستكبار العالمي الذي هو ضد كل العالمين ‏العربي والاسلامي.‏
‏* الا ترون ان هناك مسؤولية مباشرة على العلماء والمسؤولين في عدم الوقوف بوجه هذه ‏الفتنة؟
‏- نحن نعتقد ان هناك مسؤولية مباشرة على علماء المسلمين من السنة والشيعة؟ وعلى ‏المفكرين والمثقفين وعلى المواقع السياسية في العالم الاسلامي، لأن تتنبه لهذا الخطر الكبير ‏الذي يريدون من خلاله اسقاط الواقع العربي والاسلامي، تحت تأثير الهيمنة الاميركية المطلقة، ‏التي تحاول ان تتدخل في مفاصل العالمين العربي والاسلامي تحت اكثر من عنوان وهذا ما نلاحظه في ‏عنوان الحرب على الارهاب الذي استخدمته اميركا بعد 11 ايلول لتنفذ الى الواقع الاسلامي ‏والعربي لتبعث فيه ولتسيطر عليه ولتقمع كل سياسة معارضة للسياسة الاميركية.‏



العلاقات الايرانية ـ العربية

‏* في كل مكان ما، خلال الحديث ذكرت انه تحت عنوان القومية العربية يحاولون استشارة ‏الشارع الاسلامي؟
‏- هم يتحدثون عن العروبة، تماما كما فعلوا عند الحرب العراقية - الايرانية، من اجل ‏تجميع العالم العربي ضد ايران وعلى اساس ان القومية الفارسية والتي تمثل الباب الشرقي ‏للمنطقة العربية وتريد السيطرة عليها، انهم يحاولون ان يتحدثوا الان عن ان هناك خطرا ‏فارسيا يتمثل في حركة ايران ضد الواقع العربي، ولكن هذا ليس له اية واقعية.‏
نحن نعرف ان ايران تحاول بكل جهدها ان توثّق علاقاتها السياسية والامنية بالعالم العربي، ‏وهذا ما نلاحظه في العلاقات الايرانية - الخليجية، وكما نلاحظ في الزيارات التي يقوم بها ‏المسؤولون الايرانيون الى مصر والسودان هذا بالاضافة الى ان ايران تدعم المقاومة ‏الفلسطينية من كل ما لديها من دعم مادي ومعنوي وسياسي، مما يعني ان ايران لا تمثل اي ‏خطورة على العالم العربي، بل يريدون من العالم العربي ان يمثل الخطورة على ايران، وذلك ‏من خلال ما طرحته وزيرة الخارجية الاميركية، في اجتماعها مع ثماني دول عربية وهي دول ‏الخليج زائد مصر والاردن سواء في اللقاء في مصر او الكويت او في الاجتماعات الامنية التي ‏تضم المسؤولين عن الامن في اكثر من دولة عربية بالاضافة الى اسرائيل، ومنها تمثل ايجاد خطة ‏متعددة المواقع، من اجل الضغط على ايران ولمساعدة اميركا في الحرب ضد ايران.‏
لو فرضنا ان اميركا تخطط لهذه الحرب في الوقت الذي نعرف ان هناك حربا اعلامية - سياسية ‏واقتصادية ضد ايران ومن الممكن ان تتحول الى حرب حارة ولذلك فإننا عندما ندرس الواقع ‏السياسي فإننا نجد ان هناك خطة اميركية لايجاد خطر عربي على ايران، بدل ان تكون ايران ‏خطرا فارسيا على العالم العربي.‏
‏* عملانيا، القضية هنا هي قضية «شيعي - سني»؟
‏- ومن الطبيعي استخدام العنصر السني - الشيعي في هذه المعركة.‏



كثيرون في لبنان يدافعون عن اسرائيل

‏* بهذا المعنى الا ترى في لبنان ان بعض المواقع تستفيد من هذا التحشيد المذهبي والطائفي؟
‏- هناك جهات في لبنان ليست من المسلمين من قريب او بعيدتحرك المسألة المذهبية بين السنة ‏والشيعة لتستفيد من ذلك في مواقعها الخاصة ولتتفادى أية مشكلة طائفية داخل طوائفها. ‏كما ان بعض الزعامات الاسلامية تحاول تضخيم مواقعها من خلال محاولة الإيحاء للمسلمين السنة ‏بأنها هي التي تمثل عنصر الحماية ضد الشيعة. ونحن نعرف ان الشيعة في لبنان لم يكونوا في ‏تاريخهم ولا في الواقع الحاضر ولا في المستقبل خطرا على اي طائفة لا سيما الطائفة الاسلامية في ‏لبنان.‏
بل هم خطر على اسرائيل وحدها ولعل كل هذه الإثارة التي تتحرك انها تحرك كثيرين من ‏اللبنانيين يدافعون عن اسرائيل اكثر مما يدافعون عن لبنان ولذلك فإنهم حاولوا تعقيد ‏الاوضاع اللبنانية ضد المقاومة لأن ذنبها وجريمتها الكبيرة انها قاومت اسرائيل وانتصرت ‏على اسرائيل ونحن نعرف ان هناك كثيرا من الاصوات التي تؤكد على جانب المأساة في العدوان ‏الصهيوني على لبنان ولا تؤكد على جانب الانتصار الذي استطاعت الأمة ان تحصل عليه، من ‏خلال انتصارات المقاومة الاسلامية.‏
ومن المضحك المبكي ان الاسرائيليين يتحدثون عن هزيمتهم ويتحدثون عن المشاكل التي حدثت لهم في ‏حربهم مع المقاومة، ولكن الكثيرين من اللبنانيين ينكرون انتصار المقاومة وينكرون الموقف ‏العنفواني الذي استطاعت المقاومة ان تحققه للبنان وللعالم العربي والاسلامي.‏
نلاحظ اننا وصلنا الى وقت في العالم العربي والاسلامي ليقول العديد ان هناك طوائف هي ضد ‏مشروع السلام وطوائف هي مع مشروع السلام و«الاعتدال»؟



التنازلات حتى ورقة التوت

‏* ولماذا الشيعة يحملون السلاح؟
‏- نحن نقول ان الدولة التي لا تريد السلام هي اسرائيل وان الذين يتحدثون عن السلام في ‏الواقع العربي يلهثون وراء اسرائيل لتتصدق عليهم بسلام. اي سلام حتى لو كان ذليلا لا ‏يعطي الفلسطينيين الا النذر القليل من حقوقهم. وعندما ندرس الطروحات التي طرحت على ‏مؤتمر وزراء الخارجية العرب من خلال اسرائيل، فإن اسرائيل انطلقت عبر بعض الذين صالحوها ‏من العرب.‏
او بعض الذين يؤيدونها من العرب تحت الطاولة، طرحت ان تقوم القمة العربية بالاستغناء ‏عن عودة اللاجئين الفلسطينيين وايضا عن مسألة القدس وغيرها. اسرائيل تريد من العرب او ‏يقدموا التنازلات حتى «ورقة التوت» ‏
ونحن نجد ان الضعف الذي اصاب العالم العربي، بحيث فقد العالم العربي عنوانه الذي يجمع ‏الدول العربية وشعوبها، ولولا مؤسسة الجامعة العربية التي لا تملك لنفسها ولا للعرب ضراً ولا ‏نفعاً. ان الدولة التي لا تريد السلام العادل هي اسرائيل، وهي لم تتقبل المبادرة العربية ‏للسلام التي اطلقت في بيروت، بل انها رفضتها كما ان اميركا رفضتها آنذاك، واعتبرتها ‏مجرّدمبادرة تصلح للمفاوضة. لذا نعتقد ان اسرائيل لاتريد السلام كما هي الحقوق العربية ‏لانهم مخلصون ليهوديتهم لا مخلصون لكل طروحاتهم في ان فلسطين كلها ارض الميعاد، التي لا بدّ لها ‏ان تحتضن كل يهود العالم. ولذلك فان الذين يعارضون السلام مع اسرائيل هم ينطلقون من ‏الاصالة العربية والاسلامية التي تمنع اية جهة من ان تسيطر على الارض العربية وشعوبها. ‏انني اعتقد ان اسرائيل اكثر اخلاصاً لاستراتيجيتها من اخلاص كثيرين من العرب لقوميتهم ‏ولاسلامهم ولكرامتهم وعزتهم في المسألة الفلسطينية والتي بدأت تمتد من الناحية السياسية ‏لاسقاط الواقع العربي تحت تأثير الضربة الاميركية التي قد تكون قاضية في نهاية المطاف.‏
‏ * تحاول الادارة الاميركية في لبنان دخول الطائفة الشيعية عبر ادوات او عبر مشاريع خاصة، ‏الا ترى ان هناك محاولات لضرب الطائفة الشيعية من الداخل؟
‏- نحن نعتقد ان الطائفة الاسلامية الشيعية التي تقف مع مبادئها الاسلامية والعربية ‏استطاعت ان تثبت ضد كل هذا الزلزال السياسي الاميركي، وكل خطوط الفتنة في هذا المجال، ‏وان بعض الاصوات الناشزة هنا او هناك، هي اصوات تضيع في الهواء، امام كل المواقف ‏التحريرية التي تؤكد اننا ما نزال مع شعار الامام الحسين (لا والله لا اعطيكم يدي اعطاء ‏الذليل ولا اقرّ لكم اقرار العبيدِ) نحن نعتقد ان عاشوراء تنطلق في كل سنة، من اجل ان ‏نجدد معنى الحرية والكرامة للذين يلتزمونها، التزاماً تحريرياً، لا مجرّد التزام مذهبي.‏
‏* بعد هذه الجولة الا ترون ان هناك انقساماً وتسابقاً بين التسوية والحرب؟
‏- قلنا ان المنطقة ما تزال تحت تأثير العفريت الاميركي والجني الاسرائيلي وهما يخططان على ‏اساس تحالفهما الاستراتيجي لبعثرة المنطقة واسقاطها ومصادرة كل ثرواتها واستغلال كل ‏مواقعها ولحق كل الاوراق حتى تتحول المنطقة الى فرق سياسية متنافرة حتى لو بقي كل بلد على ‏وحدته هذا في الوقت الذي نلمح فيه بعض الخطوط عن ان هناك حديثا عن فيدرالية قد تتحول ‏الى تقسيم وقد سمعنا مؤخرا في لبنان لبعض الذين يتحدثون عن الفيدرالية الطوائفية في ‏لبنان وهناك من يتحدث عن الفيدرالية في العراق وهناك من يتحدث عن تقسيم المنطقة حتى ان ‏البعض يتحدث عن تقسيم السعودية وايران وما الى ذلك.‏


العلامة فضل الله (تصوير رمزي الحاج)‏

ليست هناك تعليقات: