بيروت: إنّها الموسيقى.. لا مكان هنا لا لصوت الفنان اللبناني مرسيل خليفة ولا لشعر محمود درويش ولكن الاثنين حضرا معا في عمل موسيقي يحمل عنوان "تقاسيم" تكريما للشاعر الفلسطيني.يحاول مرسيل خليفة بالعود والايقاع والكمنجات في اسطوانة جديدة استعادة ترددات الشاعر الفلسطيني الجمالية والعاطفية والروحانية والفكرية بواسطة موجات نغمية تقول بالموسيقي ما لم يستطع صوت مرسيل قوله في كل ما غنى لدرويش.والتقاسيم نمط موسيقي لا يلزم العازف لا بتأليف مسبق ولا بايقاع بحيث يأخذ جملة ويركب عليها مثل الارتجال.وهكذا يأخذ مرسيل خلية صوتية ويركب تقاسيمه عليها وسط تناوب بالالات والجمل الموسيقية. ويتميز عمل "تقاسيم" بالحوار بين الات عدة وبالمساحة العريضة في قرارات العود حيث ابتعد خليفة في عزفه عن المهارة السطحية واثبت سيطرة تامة على طول النوتة وعلى ترجيف النبرة الموسيقية ونقل اصابعه على الاوتار برشاقة وسرعة فائقة.وعلى الرغم من ان الكونترباص لم يكن في اساس التقاسيم القديمة الا ان خليفة استعان بهذه الالة كايقاع ليملا الطابق الارضي للموسيقى فبدا صوت هذه الالة الجهوري وكأنه خارج من هوة عميقة ليملا اساس الجملة الموسيقية.وغالبا ما تتصاعد التقاسيم الموسيقية من اسفل الى اعلى غير ان الناقد الفني جورج مهنا يعتبر ان اوجه التجدد لدى مرسيل خليفة تكمن في انه "يبدأ بنوتة عالية وكأنه يبدأ بحرف واو وكأنه يتابع امرا بدأ به من قبل. هذه امور جديدة لم تكن موجودة."وقال مهنا "الذي يلفت عمل تقاسيم هو رصانته وغناه وهو عمل مركب جدا ورغم ذلك يحتوي على صفاء وشفافية... من التراث القديم الذي مازال مرسيل يحافظ عليه هو انه من جملة موسيقية على نغم ما يصل الى مكان يتشعب فيه الى عدة نغمات."اضاف لرويترز "كان حساسا وليس عاطفيا. في تقاسيم مرسيل لا يوجد جموح مع انه وصل الى اعلى درجات السيطرة على الالة والرشاقة. العود يساعده كثيرا وخصوصا عوده العراقي وخشتبه العتيق."وابدى اعجابه بفكرة اهداء تقاسيم موسيقية لشاعر وتساءل "محمود درويش عندما يكتب ويقرأ الشعر الا تكون كل اوتار الدنيا تحت اصابعه. اليس هذا مشهد مسرحي.."ويقول مرسيل خليفة في كلمة ترافق الاسطوانة "لسنين طويلة ارتبطت موسيقاي بشعر محمود درويش فتالفت اعمالنا في ذاكرة الناس حتى صار اسم احدنا يستذكر اليا اسم الاخر."ويضيف "يقيني ان شعره كتب لاغنيه لاعزفه اصرخه اصليه اذرفه... احكيه ببساطة على اوتار عودي واذا ما اشركت كل الات الاوركسترا مع كلماته وصوتي طلع ذلك الانشاد الذي يهز ويؤاسي.. يحث ويقاوم."وانطلقت تجربة خليفة الموسيقية الحاصل على لقب فنان السلام عام 2005 من منظمة الامم المتحدة للتربية والعلوم والثقافة (يونسكو) في السبعينيات حيث شكل توأمة فنية مع محمود درويش دون ان يتعرف عليه مع بداية الحرب الاهلية التي اندلعت بين عامي 1975 و1990.ولحن خليفة لدرويش العديد من القصائد التي ذاع صيتها وكان ابرزها "جواز السفر" و"امي" و"ريتا" و"انا يوسف يا ابي".
السبت، 24 فبراير 2007
الاشتراك في:
تعليقات الرسالة (Atom)
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق