فاتن قبيسي عشرون سنة مرت على ولادة «صوت الشعب». رفيقة المستمع في سراء الوطن وضرائه، في تألقها وكبواتها. لم تشهد هذه المؤسسة ظروفاً وردية دائماً، لم تحظ غالباً بالدعم السياسي او المادي، على غرار مؤسسات إعلامية عدة. ومع ذلك لم يخفت صوتها يوماً. عرفت الاذاعة منذ تأسيسها وحتى العام 1995 عصراً ذهبياً. إلا أن أمرين مفصليين حدّا من اندفاعة هذا المنبر. الأول محاولة منع الترخيص لها في العام ,1996 ومنعها من بث الاخبار والبرامج السياسية. والثاني تداعيات انفصالها عن تلفزيون «نيو.تي.في». فتراكمت الخسائر المادية والبشرية والتقنية في آن. وفيما نرى الإذاعة عاجزة عن اصلاح هوائي في الشمال، قصف خلال «حرب تموز»، فإن ذلك يشكل جزءاً فقط من الصورة. فالإذاعة تسعى لاستعادة ألقها الماضي. فإلى أي مدى ستنجح؟ يؤكد مدير البرامج رضوان حمزة، الذي واكب الاذاعة منذ تأسيسها، ان ابرز ملامح صلابة الإذاعة هو أنها مهما كبت، فهي ضد ما هو طائفي «وسياسي فسادي». ويرفض القول إن وسائل الإعلام المرتكزة على بعد سياسي أو طائفي تحتكر غالبية المواطنين. فالجمهور اللاطائفي النظيف برأيه، «بيكاره» أوسع من «بيكار» الطوائف مجتمعة. وإذا كان يضعف احياناً امام الحقن الطائفي والمذهبي، فهذا لن يمنع الغالبية الساكتة من ان تتبين الهواء الابيض من الهواء الاسود. لكن، ألم تتغير هوية مستمعي الاذاعة، ألم تتقلص اليوم دائرة جمهورها؟ يتجنب حمزة التحدث عن «احصاءات تجارية مزيفة»، بل يستشهد بما حصل في ليلة افتتاح مسرحية «صح النوم» في مسرح «بيال»، الذي كان تزامن مع بداية اعتصام المعارضة في وسط بيروت، ليؤكد كثافة جمهورها. آنذاك تهافتت الاتصالات المستفسرة عن سريان العرض ام تأجيله. وقبل حوالى ساعة من بدء العرض، انفردت «صوت الشعب» بالإعلان عن عدم تأجيل الافتتاح، ما حافظ على قوة الحضور الموازي لعدد المقاعد المحجوزة. هذا الكلام يفتح المجال للحديث حول اسباب تقهقر الاذاعة منذ العام 1996 «مع منعها من بث البرامج والاخبار السياسية. ارادوا ان «يسقطونا» بالبلد. «جرجرونا» على مدى اشهر للحصول على الترخيص. الكادر البشري الذي كان يعمل في القسم السياسي لم ينتظر طويلاً، وكذلك شركات الاعلانات، ما تسبب بتراكم العجز وعدم دفع حقوق الموظفين ومستحقات صندوق الضمان الاجتماعي». وثمة امتحان آخر مرت به الاذاعة، من خلال تحويل رأس مالها الكبير الى «نيو.تي.في» أيام الشراكة بينهما. ويلفت النظر الى «وجود موظفين غير حزبيين منذ التأسيس. وليس لدينا مكاتب حزبية في الاذاعة. والفريق العامل اليوم وطني بامتياز». اما نسبة العجز؟ فهي «عالية جداً، ولكن سيصلح العطار ما افسده القهر»، كما يقول. هذه العبارة لا تدل على نية مستقبلية فحسب، بل تستند الى خطوات عملية بوشر بتنفيذها. يقول حمزة: «قمنا بتسديد عدة ملايين من الديون حتى اليوم لمؤسسات ومصارف وموظفين، تشكل ما نسبته 20٪ من العجز. وننتظر صدور قانون (قيد البحث) يسمح لنا بتقسيط مستحقات الضمان، ما يحل الجزء الاكبر من ازمتنا المادية». وماذا بشأن حقوق الموظفين المتراكمة؟ يرد بالقول: «نسدد هذه الحقوق بالتقسيط وببطء..». في المقابل، ثمة محاولات يقوم بها البعض «لإنعاش» الاذاعة. يتحدث حمزة في هذا الاطار عن الفنان زياد الرحباني «الحاضر بقوة في الاذاعة منذ انطلاقتها، والمعلن الرسمي عن افتتاحها تلفزيونياً، والمساهم فيها عبر برنامج «العقل زينة»، جاذباً جمهوره اليها». وإذا كان الرحباني «يحلب صافياً» مع الاذاعة كما يقول، فثمة حكم آخر على الفنان مارسيل خليفة، الذي «حاولنا معه لإحياء حفل فني لدعم الاذاعة. وعندما «تكرّم» بالرد، احال الامر الى منتجه الخاص، لاجراء عقد عمل وتحديد اجره». ويضيف ساخرا «السيد خليفة مشغول بالسلام العالمي والنوايا الحسنة مع كوفي انان وفقه الله. انا لست ميالاً لإحياء أنشطة من قبل المؤسسات لدعمها مادياً، ولكن اذا كان ثمة داعم بشكل لا يمسّ بقيمة الاذاعة «كنادي اصدقاء صوت الشعب» مثلاً، فليس هناك مانع». وفيما تحاول الإذاعة اليوم نفض غبار ازماتها المتتالية، يستعير حمزة، في وصف محاولات استعادة عزها، عبارة لحسين مروة كان كتبها لحبيبته «والآن يا حبيبتي ، كيف ندخل في حجمنا من جديد؟».
الأحد، 25 فبراير 2007
الاشتراك في:
تعليقات الرسالة (Atom)
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق